عقد المؤتمر الأول لحوكمة الشركات برعاية رسمية من هيئة قطر للأسواق المالية وبتنظيم من مركز حوكمة وبدعم من كبرى البنوك والشركات المساهمة العامة في قطر، بحضور سعادة الشيخ عبدالله بن سعود آل ثاني محافظ مصرف قطر المركزي رئيس مجلس إدارة هيئة قطر للأسواق المالية، وعدد من القيادات المصرفية والرؤساء التنفيذيين للشركات الراعية والمشاركة بالمؤتمر الذي شهد تدشين كتاب (تقارير الحوكمة).
وأوضح السيد ناصر أحمد الشيبي الرئيس التنفيذي لهيئة قطر للأسواق المالية، في كلمة خلال افتتاح المؤتمر، أنه سيتم خلال الفعاليات التي تعقد ليوم واحد، تسليط الضوء على "نظام حوكمة الشركات والكيانات القانونية المدرجة في السوق الرئيسية" و "نظام حوكمة الشركات في سوق الشركات الناشئة" الصادرين عن هيئة قطر للأسواق المالية واستعراض ممارسات حوكمة الشركات على الصعيد المحلي مع مقارنات دولية، إلى جانب أهم التجارب وأفضل الممارسات الدولية.
ولفت إلى أن ذلك يأتي في إطار تنفيذ هيئة قطر للأسواق المالية لخطتها الاستراتيجية في ظل رؤية قطر الوطنية 2030، واستشرافا لرؤية مستقبلية إيجابية تعكس أهداف الهيئة المرتكزة على استراتيجية التنمية الوطنية وأهداف القطاع المالي بالدولة لإعلاء المصلحة العامة والارتقاء بسوق رأس المال القطري لتكون نموذجا للخدمات المالية، لافتا إلى أن هذه الجهود توجت بريادة السوق القطرية عربيا حسب غالبية التصنيفات الدولية لسوق رأس المال خلال عام 2016، وبترقية السوق القطرية إلى مستوى الأسواق الناشئة في ثلاثة من أكبر المؤشرات الاستثمارية العالمية المتخصصة في هذا المجال.
وأفاد في هذا الإطار بأن دولة قطر تصدرت تقرير التنافسية الدولية الصادر عن المؤتمر الاقتصادي العالمي ،حيث احتلت المرتبة التاسعة دولياً والأولى عربياً فيما يخص تشريعات أسواق الأوراق المالية تحت الركيزة الثامنة المعنية بـــ"تطور الأسواق المالية"، كما احتلت المرتبة السادسة عالميا فيما يتعلق بحماية مصالح الأقلية تحت الركيزة الأولى المعنية بـ"المؤسسات" ضمن مؤشر التنافسية الدولية، وجاء ترتيب دولة قطر ضمن المجموعة الثانية دوليا من بين المجموعات الخمسة ضمن مؤشر حوكمة الشركات الدولي لعام 2017.
وذكر الشيبي أنه على الرغم من أن نظام حوكمة الشركات ليس نظاما حديث النشأة، إلا أن أهميته تتزايد، وقد أصبح من الأنظمة الأكثر أهمية في ظل تعدد الأزمات التي تواجه الأسواق المالية، وقد عملت هيئة قطر للأسواق المالية على إعداد نظام الحوكمة في سياق تطوير الهيئة لتشريعاتها والذي ارتقى من "مبدأ الالتزام أو تبرير عدم الالتزام" إلى مبدأ "الالتزام" في سياق أفضل الممارسات الدولية لفرض مبدأ الالتزام لتعزيز حماية المستثمرين، وحث الشركات المدرجة على تدعيم دورها في تطوير السوق وحماية بيئة الاستثمار، ولتنفيذ أهداف الهيئة الاستراتيجية.
وأكد أن هيئة قطر للأسواق المالية حرصت على أن تكون من أول المبادرين إلى تطبيق نظم الحوكمة الإلزامية للشركات المساهمة العامة المدرجة بالسوق، وتوافقها مع أفضل الممارسات والمبادئ الدولية، وأنها اطلعت وتعاونت مع عدد من المؤسسات الدولية المختصة من أجل تطوير نظم حوكمة الشركات المساهمة العامة المدرجة بالسوق والارتقاء بتصنيف تلك النظم على المستوى الدولي، حيث استندت الهيئة إلى مبادئ الحوكمة التي أرستها مجموعة العشرين، ومنظّمة التعاون والتنمية الاقتصاديّة، والمنظمة الدولية لهيئات الأسواق المالية، وبنك التسويات الدوليّة، والجمعية الدولية لهيئات الإشراف على التأمين، والشبكة الدوليّة للحوكمة، والتزمت بالمبادئ الاسترشادية الموحدة لحوكمة الشركات المدرجة في الأسواق المالية بمجلس التعاون لدول الخليج العربية، مع مراعاة خصوصية السوق القطري واحتياجاته.
ونوه إلى أن نظام الحوكمة يهدف إلى ترسيخ مبادئ: الشفافية والإفصاح، وتحمل المسؤولية والإقرار بها، والعدالة والمساواة، وتحقيق الرقابة الفعالة، وإدارة المخاطر، وحماية مصالح المساهمين خاصة الأقلية، من خلال عدم تمكين أو سيطرة مصالح الأكثرية، كما يهدف إلى تعزيز دور الشركات في تنمية بيئة الاستثمار، ويحسّن ويطور من مستويات إدارة المخاطر التي تتعرض لها الشركات المدرجة، الأمر الذي يساهم في الارتقاء بمستوى تنافسية السوق المالية ويرفع من قدرته على جذب الاستثمارات.
وأكد أن رعاية هيئة قطر للأسواق المالية للمؤتمر نابع من قناعتها التامة بأن دور الجهات الرقابية لا يتوقف عند إصدار التشريعات التنظيمية وإنما يجب أن يمتد إلى توعية الجمهور وتنمية مستويات المعرفة لدى العاملين بالأسواق المالية، وذلك في إطار الاهتمام بتنمية الفكر الاستثماري للمتعاملين بالأسواق المالية القطرية ونشر الوعي فيما بينهم من أجل رفع قدراته الذاتية وكذلك حرصا من الهيئة على تحقيق مبدأ الإدارة الرشيدة بالشركات.
وشهد المؤتمر انعقاد جلسات نقاشية تم فيها التطرق إلى مواضيع كـ/التوجهات المحلية في حوكمة الشركات/ وتم فيها التأكيد على أن نظام الحوكمة الذي سيبدأ تطبيقه اعتبارا من يوم غد الثلاثاء، هو نظام شامل راعى كافة الأنشطة وطبيعة الشركات القطرية وكذلك المعايير الدولية في هذا الصدد حيث تم أخذ كافة الإرشادات الصادرة عن الجهات المعنية الإقليمية والدولية ليكون نظاما متكاملا يساهم في دعم هذه الشركات على النمو وتحقيق الأهداف المرجوة لصالح المساهمين فيها.
وناقشت الجلسة الثانية /الخبرات والتجارب المحلية في حوكمة الشركات/، حيث تم فيها الإشارة إلى أن نظام حوكمة الشركات يهدف إلى مكافحة الفساد المالي والإداري بالشركات من خلال تعزيز مفهوم الاستصلاح والشفافية وتوفير البيانات المالية بصفة دورية وإعلام الجهات الرقابية لما تتعرض وتقوم به الشركة من أعمال، خاصة وأن هذا النظام يعمل على تحديد المسؤوليات والواجبات في الإدارات العليا بالشركات.
فيما ناقشت الجلسة الثالثة /تطبيقات الحوكمة للشركات المحلية/ وتم فيها التطرق إلى تاريخ تطبيق نظام الحوكمة وكيف ساهم في تطوير سوق المال القطري عالميا، وذلك في ظل إصدار هيئة قطر للأسواق المالية لنظام حوكمة الشركات المدرجة في السوق بنسخته المعدلة في عام 2014 والتي تضمنت المبادئ والتطبيقات العملية الهادف إلى تحسين أداء مجلس إدارة الشركات.
وتم التأكيد خلال الجلسة أيضا على أن الشركات مطالبة بالالتزام بقواعد الحوكمة لتطوير أدائها وتجنب المخاطر وجذب الاستثمارات، خاصة وأنه بعد تطبيق قواعد الحوكمة يمكن للمستثمر الحصول على المعلومات الخاصة بالشركات بما يمكنه من اتخاذ قراراته الاستثمارية، بما يوضح أن الشركات هي المستفيدة من تطبيق نظم وقواعد الحوكمة لأنه عندما يشعر المستثمر بأن الشركة تعتمد مبادئ الشفافية والعدالة والرقابة فإنه يكافئها على ذلك بزيادة الاستثمار فيها وبالتالي يسهم ذلك في رفع قيمة أسهمها في البورصة، وأنه في حال عدم التزام الشركة بهذا النظام فإنها تعرض نفسها للعقاب من المستثمر أولا قبل الجهات الرقابية لذلك فإن الالتزام بهذه القواعد مهم لنمو الشركة.